الزعيم الزعيم
عدد المساهمات : 772 نقاط : 33095 تاريخ التسجيل : 16/01/2010 العمر : 35 الموقع : جزائر (مستغانم)
بطاقة الشخصية دورك:
| موضوع: المشكلة والاشكالية - بقلم الأساذ كوراك هشام الإثنين أبريل 05, 2010 2:55 pm | |
| هل نتحدث عن مشكلة ام إشكالية ؟ ما المشكلة وما الإشكالية ، وما هي شروطهما في تحقيق غايتهما ووظائفهما ؟ و إذا كان الناس يقولون لكل سؤال جواب و لكل مشكلة حل ، فهل في الفلسفة يصل البحث الى نهاته ؟
هل لكل سؤال جواب ؟ ( أمثلة عن بعض الأسئلة ) كم عدد أيام الأسبوع ؟ هذا سؤال عام ومباشر لا يثير مشكلة في ذهن السامع ويكون جوابه بديهي ما دور الغدة الدرقية ؟ هذا سؤال خاص بالعلوم الطبية و يفترض جوابا واحدا تؤكده الأدلة التجريبية ما الذي يجعل المرء سعيدا ؟هذا سؤال يتعلق بشيئ معنوي(ميتافيزيقاMétaphysique ) ،يحتاج الى تأمل وتفكير ، يحتمل أجوبة كثيرة ومختلفة فهو إذن سؤال فلسفي إذن الأمر يتوقف على طبيعة السؤال ، فان تناول السؤال قضية بديهية ، أو ظاهرة علمية كان له جواب ، أما اذا تناول مسألة فلسفية لن يكون له جواب بل أجوبة وقد تكون احتمالية يتحول فيها الجواب الى سؤال كل مرة يقول الفيلسوف الألماني كارل يسبرس K.JASPERS ( إن السؤال في الفلسفة أهم من الجواب ، و ينبغي على كل جواب أن ينقلب إلى سؤال جديد.) و الفلسفة Philosophie مصطلح يوناني الأصل ، يتركب من لفظين هما فيلو= حب ، صوفيا= حكمة ( حب الحكمة) و الحكمة عند فلاسفة اليونان تعني المعرفة و الرغبة في التماس الحقيقة فيثاغورس = صاحب مصطلح الفلسفة عندما قال ( لست حكيما لأن الحكمة لا تضاف لغير الآلهة و ما أنا إلا فيلسوف °) أي محب للحكمة. *السؤال و المشكلة يرتبط مفهوم المشكلة بمفهوم السؤال أشد ارتباط ، فوراء كل مشكلة سؤال ، مع أنه ليس بالضرورة أن يكون وراء كل سؤال مشكلة بالمعنى الفلسفي ! *ما المشكلة ؟ problème هي القضية المبهمة التي يصعب حلها ،. ومن الناحية الفلسفية نعني بالمشكلة القضية التي لا نتوصل فيها الى حل يقيني ،لذلك يرى الفيلسوف الالماني هيدغر Heidgger إن المشكلة الفلسفية سؤال لم يجد حلا مقبولا لدى الجميع ، فهي سؤال حي لا يزال يوضع ، إنها إذن مفعمة بالحياة . إن المشكلة هي ” بؤرة التوتر “ التي تؤرق الإنسان . وتعتبر المشكلة الحجر الأساس في البناء الفلسفي فهي التي تمد الفلسفة بالحياة منذ آلاف السنين يقول كانط KANT تبدأ الفلسفة عندما ” نقول “ شيئا ما ، وتبدأ المشكلة الفلسفية عندما نؤكد ذلك يقول فتجنشتين ” إن تناول الفيلسوف لمشكلة ما ، يشبه علاج أحد الأمراض
*ما الإشكالية Problématique ؟لغة . يقال: أشكل عليه الأمر بمعنى التبس واختلط عليه. فهي عبارة عن مشكلات تحولت بحكم ترابطها الى معضلة كبيرة بحيث لا يمكن تصور حل لها الا في اطار شامل و كلي ، فاذا كانت المشكلة تعني صعوبة الحل ، فان الإشكالية تعني الاحتمال و تعذر الاختيار نظرا للجدل القائم حولها . مثلا : هل المال يحقق السعادة ؟ رأي 1- المال يحقق السعادة لأنه يمكن الإنسان من تلبية جميع حاجياته . رأي 2- المال لا يحقق السعادة بل هو مصدر كل شر ، يولد الاستغلال و يفسد الأخلاق . رأي 3- المشكلة ليست في المال و إنما في صاحب المال ، فلا بد أن نبحث في الأخلاق قبل المال و الأخلاق تربطنا بالمجتمع و أحواله... هكذا كونت المشكلات ا إشكالية السعادة و علاقتها بالأخلاق والمجتمع
، والأحكام الإشكالية عند كانط Kant هي الأحكام التي يكون الإيجاب أو السلب فيها ممكنا لا غير ، وتصديق العقل بها يكون مبنيا على التحكم ، أي مقررا دون دليل . وهي مقابلة للأحكام الخبرية ويذكر لالاند في موسوعته الفلسفية بأن الإشكالية problématique هي : ” سمة حكم أو قضية قد تكون صحيحة لكن الذي يتحدث لا يؤكدها صراحة . “ يعرفها الجابري بقوله الإشكالية هي، في الاصطلاح المعاصر، منظومة من العلاقات التي تنسجها، داخل فكر معين (فكر فرد أو فكر جماعة), مشاكل عديدة مترابطة لا تتوفر إمكانية حلها منفردة ولا تقبل الحل، -من الناحية النظرية- إلا في إطار حل عام يشملها جميعا ما العلاقة بين المشكلة والإشكالية ؟ هي علاقة المجموع بعناصره او علاقة الكل بأجزائه أي علاقة تداخل وتضمن.، ولذلك لانستطيع ان نفهم الجزء الا اذا فهمنا الكل ولانفهم الكل الا من خلال فهم الجزء. ومثالنا في ذلك إشكالية المعرفة وعلاقتها بمشكلاتها الجزئية المتعلقة باصل المعرفة ووسائلها وحدودها.ولهذا السبب تزداد الإشكالية الفلسفية تعقيدا عندما تذوب المشكلة الفلسفية في الإشكالية الأم.
السؤال الفلسفي ثلاثة أنواع / سؤال يطرح مشكلة ، و سؤال يطرح إشكالية ، و سؤال يطرح مشكلة و إشكالية ، و هو الأصعب و الاكثر تعقيدا ، حيث تذوب المشكلة في الإشكالية: و كل سؤال فلسفي يولد فينا
* ا-الدهشة الفلسفية / أو الحيرة الفكرية ، و هي متولدة من كون السؤال الفلسفي يفاجئ السامع ، فيطرح قضية مألوفة في صورة غير مألوفة ، تتعارض مع معارفنا و خبرتنا و عادتنا و معتقداتنا ، و يهز ثقتنا و إيماننا ، فيتحول اليقين الى شك و ، العلم الى جهل ، و ينتابنا شعور بالاضطراب و القلق ، و ندرك جهلنا بالحقيقة مثل محاورة سقراط للسفسطائي حول النفس هل هو ساخن أمبارد ؟ لكن الذي لا يخاف على مصيره شجاع ..الخ و كلما اشتد الحيرة ازداد الفضول للكشف عن الانفراج و التخفيف من الجهل ، و الوقوف على طريق الحقيقة يقول كارل يسبرس ' يدفعني الاندهاش الى المعرفة ، فيشعرني بجهلي'
*ب- الإحراج الفلسفي / هو الشعور بالضيق و انسداد المنافذ ، فتزداد المعاناة و يبقى السؤال عالقا يطلب منا الجواب ، ***و الإحراج ناتج كذلك من كون السؤال الفلسفي يتضمن تناقضات و مفارقات رغم أن المسألة واحدة ، فيضعنا أمام رأي و رأي آخر مناقض أو معاكس له ، و أمام هذه المفارقات يسعى العقل الى ادراك العلاقة بينها ، و جمعها في سياق منطقي واحد ، مثل قول سقراط الذي جمع بين متناقضين هما العلم و الجهل ، فبلغ رسالة مفادها أن الجهل هو أساس المعرفة ، و أن الحقيقة لا تدرك بأتمها أبدا قال سقراط Socrate .( كل ما أعرفه هو أني لا أعرف شيئ) و كان الفيلسوف الالماني هيجل Heggel يستعمل هذه الطريقة الجدلية في بناء فلسفته ، حيث يأخذ بالقضية و يقابلها بنقيضها ، ثم يركب بينهما و هكذا ...ففي مسألة الشجاعة مثلا / نجد رأي يقول أن الشجاعة هي عدم الخوف . لكن هناك من يقول من لا يخاف فهو متهور و عديم الوعي ، و عندما نركب بين الرأيين ندرك العلاقة بينهما فنقول أن الشجاعة لا تتعارض مع الخوف الذي يعبر عن صميم الوعي يقول هيجل ( الفلسفة تبحث في المتناقضات الشاملة التي يغوص فيها وجود الإنسان )
***- و ما يسبب الإحراج أيضا هو أن السؤال الفلسفي يطرح القضية في صورة فكرية عالمية و إنسانية تتجاوز ما هو فردي و خاص ، فهو يتناول المبادئ العامة للوجود لأننا عندما نتحدث عن الشجاعة أو السعادة أو الأخلاق لا نعني بها شجاعة الجندي ، و سعادة الأمير ، و أخلاق المصلحين ، و إنما نعني بها شجاعة و سعادة وأخلاق كل إنسان على وجه المعمورة ، و عليه يتوجب أن تتوفر لدينا رؤية واسعة و تأمل عميق ، و أن يتوجه خطابنا الفلسفي الى العالم حتى و ان حركتنا قضية جزئية أو خاصة . | |
|